أغرب القبائل والشعوب في العالم: قبائل وادي نهر الأومو _ أديس أبابا

14 يونيو 2021661 مشاهدةآخر تحديث :
أغرب القبائل والشعوب في العالم: قبائل وادي نهر الأومو _ أديس أبابا

 

فكرة عامـة :

تعتبر اثيوبيا الدولـة الافريقية الوحيدة التي تمتعت باستقلال دائم  إلا من فترة قصيرة امتدت ما بين عام 1935 حتى عام 1941 كانت فيها تحت الاحتلال الايطالي .

والجدير بالذكر ان اثيوبيا كانت امبراطورية عريقة في القدم ، فان جذورها تمتد الى ما قبل الميلاد غير ان ثورة مسلحة ما لبثت أن أطاحت بالنظام عام 1971 واعلنت في السنة التالية قيـام الجمهورية الاثيوبية، تبلغ مساحة اثيوبيا ۱٫۱۲۱٫۹۰۰ کلم۲ وعدد سكانها حوالي ۲۹٫۰۰۰٫۰۰۰ نسمة ونظام الحكم فيهـا جمهوري  وتدعى عاصمتها « أديس أبابا »  واللغة المتعارف عليها في اثيوبيا هي اللغة            « الامهارية » يضاف إليها اللغة الانكليزية والعربية.

نهـر الأومـو :

ان نهر « الأومو » ينحصر بين سلسلتين جبليتين وينتشر على ضفافه أكواخ بدائية صغيرة يسكنها شعب الأومو الذي يغلفهم الغموض بعاداتهم وتقاليديهم  الغريبة والمدهشة.

ويمتد ذلك النهر الاثيوبي مسافة 900 كيلو متر حتى قرية « دوس » الواقعة مقابل الحقول الرائعة في الجمال الخلاب  ويصب في النهاية في بحيرة « توركانا » على حدود « السودان وكينيا » .

وبقدر ما اشتهر هذا الموقع عالمياً  بقدر ما بقي شعب الأومو شعبـاً مجهولا الى أن تفشت بين عامي 1880 و ۱۹۱۰ حمی اكتشافات المجاهل الافريقية.

ولكن مياه نهر « الأومو » بقيت عذراء .إذ لم يجسر أي من الرواد الأوائل أن يجتـاز ذلك النهر المرعب والمخيف والمحفوف بالأخطـار والمهالك الى أن عزم بعضاً مـن المغامرين « الألمـان والأمريكيين » منذ سنوات على القيام بمجازفة خطيرة من نوعها تدفعهم الرغبة الشديدة والتي تفوق كل المخاوف المريعة للنفس البشرية.

وبما ان اثيوبيا هي اكثر مناطق افريقيا الاستوائية جبلية  فان مناخها شديد البرودة .فينساب من خلال تلك الجبال « نهر الأومو » الذي يتدفق من علو ۳۰۰۰ متـر حتى يمكنك أن تتخيله وكأن مياهه تنزلق بشكل عمودي ، وهو كثير الصخور  واحياناً مياهه عواصف شديدة تقتلع كل ما يعترض طريقها لتقلبه رأساً على عقب .

فان أراد أحداً أن يبحر في نهر «الأومو» فذلك يعني بانه سيجازف بحياته في سبيل تحقيق مرامه إذ سيتراءى له الموت في كل لحظة . وبالأخص من تلك الحيوانات المفترسة أمثـال التماسيح الضخمة وأفراس النهر الخائرة وتلك الافاعي الضخمة التي يتراوح طولها في بعض الاحيان ثلاثة أمتار  وان ضربة من ذيلها كافيـة بتحطيم زورق بخاري.

فنهر « الأومو » لا يرحم أحداً على الاطلاق  فهو يتفجر بين الحواجز الصخرية المتكاثفة والتلال العشبية المتكاثرة بشكل يثير الدهشة والاستغراب.

ويعتبر الوادي الفسيح الذي يعيش فيه شعب « الأومو » ذخراً طبيعياً ومغروزاً للقبائل الأصلية فعلى يمين الوادي تنحدر قرى  « الكافا » بينما ينبسط على شماله ريف « الغوما » بين احراج غاباته الكثيفة والتي سيجت ضفافه الوعرة جماعات من القرود العادية وقرود          « الذ ّيال » وهي نوع من القرود ذو أذناب طويلة.

 

 

بينما تتكاثر على حواف النهر التماسيح والغرانيق بأعداد كبيرة  وهم يعيشون آمنيين  حيث يندر أن يأتي الصيادين المحترفين للصيد مثـل تلك الأنواع من الحيوانات الخطيرة المتربصة تنتهز الفرصـة المناسبة لتطبق على طفل يلهو أو إمرأة ترتشف الماء لتروي ظمأها أو رجل يملأ دلوه ليعود به الى عائلته.

وأما تلك الحشرة السامة فهي وحدها الأصغر والأخطر والأكثر انتشاراً في تلك المنطقة إنها ذبابة سامة تدعى « التسي التسي » ذات جوانح رقيقة متقاطعة كحدي المقص  وتتسلل هذه الحشرة من خلال الأغطية لتزور تلك البشرية وتعقص الواحد يليه الآخر، وهي تنساب في حدود مثير كمن لديه واجب ديني مقدس يجب اتمامه وتفتك هذه الحشرة السامة سنوياً بالمئات من السكان وأساساً على ذلك فلقد زار تلك المنطقة بعضاً من الأطباء دفعهم العامل الانساني فافتتحوا عيادات لمعالجـة أهالى « الأومو » إلا انهم ما لبثوا فارين وكأنهم يهربون من الجحيم.

اكتشافات :

داخل تلك الغابات الخضراء يتراءى لك مساكن شعوب « الأومو » وهي عبارة عن مساكن بسيطة بالشكل الخارجي والداخلي وشعب الأومو نوعان.

النوع الأول :

هم العاديون الذين يضعون إزاراً بسيطـاً على أوساطهم

النوع الثاني :

وهم الطبيعيون الذين يعيشون حفاة عراة لا شيء رجالهـم ونساءهم واطفالهم دون استثناء يسترهـم على الاطلاق ومنخفض وادي نهر الأومو هو بقعة مجهولة استوطنها شعب « الباتشا – BATCHA » ،  وهم اعراق عاشوا كالبدو على تربيـة الماشية  وزراعة الأرض  وصيد الحيوانات بأنواعها المتعددة .

وقد تم اكتشاف تلك المنطقة عام 1888 برئاسة الكشاف الايطالي « فيتوريو بوتيغو » وروى الكثير عن تلك الشعوب الاثيوبيـة التي عاشت على ضفاف نهر الأومو الذي ينساب كثعبان أصغر  أو كسيل طيني جارف لا يدرك معنى للرحمة.

واكتشف الألماني « لوديغ فون هوئل » الذي انطلق من الحدود الجنوبية ليخيم على ضفة نهر الأومو الشرقية في بحيرة « رودولف » الشهيرة في كينيا.

وبعـد وقت قصير اكتشف الأمريكي « دونالدسون سميث » الضواحي الشرقية لنهر الأومو « بحيرة أباية ».

وأول قوات اثيوبية دخلت مسلحة لتلك المنطقة بنـاء على طلب الامبراطور « فيسيليك الثاني » كان في عام 1898 ولقد سلكت تلك  القوات الناحية الشمالية الشرقية  وبعـد ذلك بدأت تتوالى المحاولات لدخول المنطقة.

وبرغم المعارك الضارية والعنيفة والحامية خاضتها قبائل الوادي ضـد تلك القوات إلا أن الفيكونت « دو بورغ دو بوزاس » الفرنسي الأصل  تمكن بعد محاولات عديدة خاضها بعزيمة صلبة من اجتياح الوادي  حيث تم اكتشاف آثـار الانسان الذي يعود تاريخه الى ثلاثة ملايين سنة قد مضت.

وقد كتب الكونت « ليونتيف » الذي قاد الحملة الأولى لاجتياح الوادي يقول عن تلك الأعراق البشرية تلك الأعراق انهـم رجال مديدو القامة، إذ يبلغ طول الواحد منهم حوالي المترين وهم يتنقلون حفاة عراة وتلتف حول أذرعهم أساور عاجية  أو نحاسية وأما نساءهم فيتزين بقلائـد حديدية حول أعناقهم ويسترن عوارتهن برقع جلدية صغيرة ممسكة بخيط رفيع يعقد حول الخصر  والرقعة الجلدية مزينة بحبات من اللؤلؤ على مدارها وأيضاً هم يوقدون النار على طريقة احتكاك الاحجار  كما انهـم يصطادون التماسيح الضخمة والمفترسة بواسطة حراب ذات أطراف سامة وحادة.

وأما الفيكونت « دو بورغ دو بوزاس » فقـد روى عن تلك الشعوب بقوله : « ان تلك القبائل تتشابه من حيث النمط المعيشي فهم يحترفون رعاية الماشية وزراعة الأرض  ولربما كانت طبيعة التربة وعدم انتظام نسبة الأمطار هما الدافع الأساسي لتصنيف ذلك الشعب بين فئتين الفئة الأولى هي « الرعاة ـ البدو » والفئة الثانية « البدو ـ الفلاحين ».

وأما النظام التجاري الوحيد الذي يعرفه سكان الوادي على اختلاف قبائلهم  فهو « المقايضة » وعلى أساسها يتبادلون ما تغله الأراضي من منتوجات زراعية كالذرة البيضاء والتبغ وما شابـه الخ .. وأيضاً ما يصنعونه من أواني فخارية  والذي أبدع في صنعها بمهارة رائعة .قبائل « الكار » وقبائل « المورسي » وكل ذلك مقابل البنادق القديمة ورؤوس الماشية .

وسكان هذا الوادي لم يتغير تصرفهم على الاطلاق نحو البيض فمنذ أن عرفوهم وهم يتحذرون من وجودهم ويتجنبون الاقتراب من الزوار أو الاحتكاك بهم إلا في النـادر  ومع ذلك فان ما يشغل تفكيرهم على الأكثر  هو ذلك اللباس الغريب الذي يرتديه كل من يزورهم من البيض فهو بالنسبة إليهم شيء غريب وعجيب ولا يفقهون معنى لوجوده على الجسد إذ انهم هـم العراة على الدوام ودون استثنـاء رجل أم إمرأة أم طفل ولا يعرفون إلا تلك الرقع الجلدية المزينة بحبات اللؤلؤ فقط لا غير  وهو تقليد مفروض على النسـاء عامة فعندما تبلغ الانثى السنة الأولى من عمرها عليها أن تستر عورتها بتلك الرقعة الجلدية وأما الرجال فمنهم من يستر عورته بإزار يلف حول خصره من تحت الصرة ومنهم من لا يضـع شيئاً علىالاطلاق فهو الطبيعي في الحياة.

 

 

 

التقاليد المتبعة:

عندما يقترب أحـد مـن زوار وادي الأومو حيث تقطن تلك الشعوب تبـدأ على الفور لدى رؤية الزائـر صيحات النساء والاطفـال  وهن يهتفن بكلمـة « فرنجي – فرنجي » أي بمعنى « أبيض ـ أبيض »  لكن الدهشة والاستغراب سرعان ما تستملك الزائر إذ أن نساء وادي الأومو قد شوهت شفاههم بشكل يدعو للاشمئزاز والفضول في آن واحد  وأسباب هذا التشويه الغريب هو تقليد متبع على مر الزمان  إذ عندما تبلغ الفتيات سن البلوغ تقتضي التقاليد والاعراف بأن تدخل الفتاة في فمها بين أسنانها وشفتها السفلى صحناً خشبياً صغيراً وذلك لمط شفتها السفلى ولا تخرج الفتاة ذلك الصحن من فمها إلا في حالتي النوم والطعام وعندما يندمل ذلك التمزق الذي حدث بسبب الصحن تكون عندها الشفة السفلى قد تدلت للاسفل بشكل يدعو للنفور والاشمئزاز إذ يبلـغ في بعض الأحيان مط الشفة السفلى ٢٥ سم  والبعض الآخر من الفتيات يتبع التقاليد وهو عبارة عن شرم الشفة السفلى فوق الذقن تقليداً آخر من وبين الشفة من الداخل الى الخارج الداخل الى الخارج  وتعلق بها سلسلة ذهبيـة أو نحاسية وأما الشباب فانهم يشاركون أيضاً الفتيات في هذه العادات ولكن بشكل آخر إذ يشرمون الأذن بواسطة جراحة بدائية ومن ثم يعلقون فيها سلاسل منوعة في الاشكال .

وبذلك نرى الكثير من تلك القبائل ممن فقدن الجمال اثر تلك التشوهات التقليدية المتبعة ولكن علماء السلالات البشرية يعللون ذلك بقولهم  أن هذا التقليد هو رغبـة شعب وادي الأومو بعدم مشابهة الحيوانات من حيث شكل الشفاه.

لكن شعوب الأومو تعلل ذلك التقليد المتبع بشكل يثير الدهشة فيعللون بقولهم : ان على فتاة الأومو حين تبلغ سن الزواج عليها أن تشرم شفتها وتعلق سلسلة ذهبية أو نحاسية  أو أن تمط شفتها بشكل ظاهر للعيان وذلك لكي تبدو قبيحة  قيل ولماذا؟ أجابوا : حتى يأنف ويشمئز من منظرها الغزاة من القبائل المجاورة الذين ينقضون بغتة على القرية ليسرقوا الفتيات.

وتعليل آخر : يجب على الفتاة أن تشرم شفتها أو تمطهـا لكي تصبح نموذجاً للجمال المثالي في قبيلة الأومو .

وعلى كل حال ان من يريد أن يلتقي بتلك الأعراق البشرية الغريبة بعاداتها وتقاليدها والتي استوطنت وادي نهر الأومو حيث الانسان الأول عاش كما تدل الآثار والحفريات والذي أكده العلماء فما عليه إلا الاتجاه على الفور الى اثيوبيا  ويبحر في نهـر الأومو  ويخيم في ذلك الوادي ليرى بأم عينيه  ويلمس ما يصادفه بيديه.

ولكن : حذار من الحيوانات المفترسة فانها لا تعد ولا تحصى ولا ترحم أيضاً ..

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.