هولاكو وقلعة الموت

9 أكتوبر 2021619 مشاهدةآخر تحديث : السبت 9 أكتوبر 2021 - 7:50 مساءً
Loubna Ahmed
الوعي الثقافي
هولاكو وقلعة الموت
في يوم 15 ديسمبر 1256م، تمكَّن المغول من دُخُول قلعة آلموت الحصينة، معقل طائفة الباطنيَّة الاسماعيلية النزارية، والمعروفة في الأدبيات باسم (الحشاشين)، ودكُّوها دكاً وفتكوا بمن فيها، لتنتهي بذلك هذه الطائفة في بلاد إيران بعد أن دامت ما يزيد عن مائة سنة.
خلال منتصف القرن الثالث عشر الميلادي، أرسل الخاقان الأعظم منكو خان، حملةً جديدة نحو ديار الإسلام، كانت هي الأشرس حتى ذلك الوقت بقيادة شقيقه هولاكو، وأمره بإخضاع كل بلاد المُسلمين؛ حتى البعيدة منها مثل مصر، وعندما قاد هولاكو حملته عام (654هـ/1256م) كانت القلاع الإسماعيلية أول أهدافه، وفي تلك الفترة، كان شيخ الحشاشين يُدعى رُكن الدين خورشاه، وقد خاف جبروت المغول وآمن بعدم جدوى المقاومة أمام الغزو المغولي؛ فحاول إقامة السلام معهم لإنقاذ دولته، فأرسل مبعوثاً إلى قائد المغول في همدان يعرض عليه الاستسلام والخضوع للإمبراطورية المغولية، لكن القائد المغولي اقترح أن يقدم ركن الدين خضوعه لهولاكو شخصياً، فأرسل أخاه شاهنشاه كحلٍ وسط.
رفض هولاكو سفارة شاهنشاه وطلب مقابلة ركن الدين شخصياً لتقديم الاستسلام وفروض الطاعة والولاء، مقابل أن يضمن هولاكو سلامة الإسماعيليين، فقرّر ركن الدين تسليم نفسه، وأمر جميع أتباعه بالنزول من القلاع، وبالفعل أُخليت قلعة آلموت في ديسمبر 1256م الموافق فيه ذي القعدة 645هـ، وبعد ذلك دخل المغول القلعة، وأبدى هولاكو إعجابه بمعجزة بنائها العسكري الذي صدَّ الغزاة لفترةٍ طويلةٍ من الزمن، ثم أمر جنوده بهدمها، ولم يستثنِ المكتبة، لكنه سَمح لمؤرخ في الثلاثين من عمره يُعرف بعلاء الدين الجويني بدخول المكتبة التي كانت تحوي آلاف الكتب والمخطوطات النفيسة، ولم يكن الجويني يملك إلا عربة واحدة تُدفع باليد، فقرر أن من أول واجباته إنقاذ المصاحف؛ فأخذ يجمع – على عجلٍ – نُسخ القرآن؛ حتى أمضى الوقت في نقلها، فأُضرمت المكتبة والتهمتها النيران على مدى سبعة أيام بلياليها؛ وضاعت مصنفات لا يُحصى عددها؛ فلم يبقَ منها حتى نسخة واحدة.
وما إن اعتقل المغول ركن الدين، أخذوه إلى قراقورم ليقابل الخاقان الأعظم منكو خان، وفي أثناء الطريق أُجبر على أن يأمر الحشاشين في قهستان على تسليم قلعتهم إلى المغول، ففعلوا بعد أن أمَّنهم هولاكو على حياتهم، وبمجرد تحرّك ركاب ركن الدين باتجاه قراقورم قتل المغول الآلاف من سكان القلعة، ولم يلبثوا حتى قتلوا ركن الدين وأسرته؛ ولم يستطع الفرار من القتل إلا ابنه شمس الدين محمد، ثم قام المغول بجمع أعداد كبيرة من الإسماعيليين بحجة إحصاء عددهم، فقُتلوا جميعاً، واستمروا بإقامة المذابح الرهيبة في كل مكان وجدوا فيه الإسماعيليين؛ فضلاً عن هدم قلعة آلموت؛ لتنتهي بذلك طائفة الحشاشين الإسماعيلية في فارس، ولم ينجُ من الإسماعيليين إلا من اعتصم بجبال تلك البلاد.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.