الجزء الاول: القضية الفلسطينية، السير والتاريخ

25 أغسطس 2021702 مشاهدةآخر تحديث :
الجزء الاول: القضية الفلسطينية، السير والتاريخ

 

أولا: ما قبل الفتح الإسلامي

دلت الآثار والحفريات على أن الإنسـان سـكن أرض فلسطين منذ العصـور القديمة، إلا أن أول شـعب غرف تاريخيًا سـكن أرض فلسـطين هم “الكنعانيون”، وهم من سكان الجزيرة العربية، وقد اشــق اسـم فلسـطين من اسـم أقوام بحرية جاؤوا من غرب آسيا الصغرى ومناطق بحر إيجة، وقد ذكر اسمها في النقوش المصرية باسم ” ب ل س ت”، ويرى المؤرخون أن الأغلب من أهل فلسـطين الحاليين هم أنسـاب القبـائـل الكنعـانيـة والعموريـة والفلسطينية.

وبهجرة إبراهيم (عليـه السـلام) إلى فلسـطين أشـرق التوحيد على هذه الأرض المباركة، وسار على دربه من بعده إسحق ويعقوب (عليهما السلام)، وفي عهد موسى (عليه السـلام) بعدما نجا بقومه من فرعون وخرجوا من مصـر خالف بنو إسـرائيـل أمره بالدخول إلى أرض فلسـطين، وبعده كان يوشع بن نون (عليه السلام)، ثم طالوت الذي اسـتطـاع الانتصـار على جالوت، وقـد ظهر داود (عليـه السلام) في جيش طالوت وتولى الحكم من بعده، وسيطر على معظم أرض فلسطين، وخلفه من بعده ابنه سليمان (عليه السلام)، وقد شـهدت فلسطين في عصـره حركة بناء وعمران ضخمة، وحكمت فلسطين تحت راية التوحيد والإيمان قبل الفتح الإسلامي لها. وبعد وفاة سليمان (عليه السلام) انقسمت مملكته إلى مملكتين “يهودا وإسـرائيـل”، ولكن تعرضـتـا لعوامـل الضـعف والوقوع تحت النفوذ الخـارجي، وخضـعـت فلسـطين لهيمنـة الـدول القوية، فوقعـت تحت حكم الفرس، ثم تمكن الرومان من السيطرة عليها فأخضعوها لحكمهم، وقـد ظـل أهل البلاد الأصـليون من الكنعانيين ومن اختلط بهم من قبائل العرب مسـتقرين في بلادهم من قبـل قـدوم بني إسـرائيـل وفي أثناء وجودهم وظلوا مستمرين فيها إلى أيامنا هذه.

ثانيا: الفتح الإسلامي لفلسطين

كان المسجد الأقصى هو القبلة الأولى للمسلمين، وإليها أسري بالرسول (صلى الله عليه وسلم) ومنها عرج به إلى السـماء، وقد كانت غزوتا مؤتة وتبوك وحملة أسـامة بن زيـد مقـدمـة لتطلع المسـلمين لبلاد الشـام، أمـا أبرز المعارك التي أدت إلى فتح فلسـطين مقدما فهي معركة أجنادين، ومعركة فحل-بيسـان، ولكن المعركة التي بها فتح المسـلمون أرض فلسـطين هي معركـة اليرموك بقيادة أبي عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد (رضـي الله عنهما)، ففتحت بلاد الشـام في عهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، وقد جاء عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) بنفسـه ليتسلم مفاتيح بيت المقدس، وتولى عقد الصلح بنفسـه بعد حصـار المسلمين لها واشتهر ذلك الصـلح باسـم “العهدة العمرية”، واسـتمر حكم الراشـدين ثم تبعهم حكم بني أمية ثم العباسيون، ولكن بضعف الدولة العباسـية وسـقوطها، صـارت فلسـطين تحت حكم الفاطميين.

بدأت الحملة الصليبية الأولى في بلاد الشام واستطاعوا احتلال فلسطين، وقد ظهر خلال المعارك مع الصليبيين مجاهدون أقوياء مثل عماد الدين زنكي، وابنه نور الدين محمود الذي استطاع توحيد القوى الإسلامية، ومن بعده كان صلاح الدين الأيوبي الذي قاد معركة حطين، والتي بها تحسّم الوجود الصليبي وفتح بيت المقدس.

وقـد خلف الممـاليـك الـدولـة الأيوبيـة وواجهوا الزحف المغولي على أرض فلسـطين ووقعت معركة عين جالوت بقيادة قطز، ثم تابع المماليك مشـروع تحرير فلسـطين وبلاد الشـام من بقايا الصـليبيين، وقام الظاهر بيبرس بجهد كبير لاسترداد باقي مناطق بلاد الشام، وتبعه سيف الـدين قلاوون، وعنـدمـا ضـعـف شـأن الممـاليـك قـام العثمانيون بالسيطرة على فلسطين وباقي بلاد الشام. وقد استمر حكمهم لفلسطين حتى نهاية الحرب العالمية الأولى سنة 1918م.

ثالثا: بدايات الحركة الصهيونية

يدعي اليهود أن الله (سـبحانه وتعالى) وعدهم بامتلاك هذه الأرض، فيقـدسـونهـا ويعتقدون أن لهم الحق في تشـريـد شـعـوب تلك الأرض واغتصـاب أمـوالـهـم ومقدّسـاتهم ما داموا هم الأولى بها، ولكن المسـلمين يرون أن الراية تكون لمن يقيم التوحيد، فالامتداد الحقيقي لدعوة الرسـل هو التوحيد، وهذا ما يؤمن به المسـلمون، فهم أحق الناس بميراث الأنبياء بعـد أن انحرف الآخرون عن دعوة رسلهم.

ومن الناحية التاريخية فقد كان حكم بني إسـرائيل لليهود لم يتجاوز أربعة قرون على أجزاء من فلسـطين، أما الحكم الإسـلامي فقد اسـتمر نحو اثني عشـر قرنا، كما أن أهل فلسـطين الأصـليين لم يغادروا أرضـهم مهمـا تتابع واختلف من يحكمهـا إلا أن عـددا كبيرا قـد ظرد من قبـل العصابات الصـهيونية سـنة 1948م، ويهود هذا الزمان لا ينتمون إلى بني إسرائيل ولا إلى فلسطين بأية صـلة، لأن معظمهم من يهود “الخزر” وترجع أصـولهم إلى قبـائـل تترية -تركية قديمة، سـكنت شـمال القوقاز في جنوب روسـيا وتهودت في القرن الثامن الميلادي بقيادة بولان، وعندما سقط ملكهم تفرقوا في روسيا وشرق آسيا، وهم معروفون الآن بـ”اليهود الأشكناز”.

وبمرور أوروبا بمحطات تاريخية فـاصـلـة قـد حـدث بها تغيرات انعكسـت على اليهود، فـظـهـرت الـحـركـة البروتستانتية التي تهدف إلى الإصـلاح الديني، وركزت على الإيمان بالعهد القديم المحرف، والتي ترى أن اليهود هم أهل فلسـطين، وأمن البروتستانت بنبوءة العهد الألفي واجتماع اليهود بأرض فلسطين اسـتعـدادا لعودة المسـيح، ومنذ الثورة الفرنسـية سـنة 1789م تشـخلت الدولة الأوروبية الحديثة التي اعتمدت على فكرة القومية والعلمانية، بالمقابل فإن روسيا وأوروبا الشـرقية اللتين كان يسـكن بهما أغلب اليهود سـلكتا مسـلك القسـر والفوقية، فشـارك اليهود بالحركات الثورية اليسـارية، واتخذت ضـدهم إجراءات عنيفة شـقيت بـ”اللا سـامية” وبدأت من هنا نشـأة المشكلة اليهودية، ثم نشـأة فكرة الدولة الحاجزة.

رابعا: الضربات الأولى

أخذت الهجرة اليهودية طابعا منظمًا منذ سـنة 1882م، وتم إنشـاء المنظمة الصـهيونية العالمية بزعامة ثيودور هرتزل لتأسيس الدولة اليهودية على أرض فلسـطين، بمساعدة القوى الكبرى وخصوصا بريطانيا التي تبنت هذا المشـروع، إلا أن المقاومة العثمانية كانت مستمرة، لكن اليهود شاركوا بفاعلية في إسقاط السلطان عبد الحميد الثاني. وقد كان أبناء فلسـطين لهم نشـاطهم المبكر في ردع المشـروع الصـهيوني، ولكن مع بداية الحرب العالمية الأولى ازداد عدد اليهود ونشطت المفاوضات والمعاهدات للترتيبات بعد الحرب، وقد أدى البريطانيون دورا كبيرا في التفاوض مع المنظمة الصهيونية العالمية حول مستقبل فلسطين، فتم التصريح بـ”وعد بلفور” الذي تعقدت فيه بريطانيا بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، فأعطى من لا يملك من لا يستحق!!

وأتم البريطانيون احتلال جنوب فلسـطين ووسـطهـا، وخطـب قـائـد الجيش البريطاني في القـدس محتفلًا بانتصـاره قائلا: “والآن انتهت الحروب الصليبية”، واكتمل الاحتلال بالجزء الشمالي لفلسـطين، ومنذ ذلك فتحت بريطـانـيـا لمشـروع التهويد المنظم لأرض فلسـطين، وأصـقـت بريطانيا آذانها عن الذي يتعلق بحقوق أبناء فلسطين العرب، وعينت أول منـدوب لهـا ” هربرت صـموئيـل” اليهودي الصـهيوني على أرض فلسـطين، بصلاحيات مطلقة، وضيقوا العيش على أهل فلسطين، وشـجعوا على هجرة اليهود وتسـليحهم، وأقـام اليهود مؤسسات اقتصادية واجتماعية وتعليمية ضخمة شكلت بنية تحتية قوية للدولة اليهودية القادمة.

وعلى الرغم من ذلك نشـأت الحركة الوطنية الفلسطينية التي ترفض تقسيم البلاد، وركزت على المقاومة السلمية للمشـروع اليهودي خلال الفترة (1918-1929)، ومحـاولـة إقناع بريطانيا في العدول عن وعد بلفور، فوقعت ثلاث ثورات عبرت بشكل قوي عن الغضب الشعبي، آخرها “ثورة البراق” التي فتحـت المقـاومـة الجهـاديـة للمشـروع الصهيوني والاحتلال البريطاني، فنشـأت حركات جهادية عديدة منها التي أسسها عبد القادر الحسيني وتتابعت بعدها حركات اخرى وانتفاضات وثورات.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.