لقد انتهت عملية مطاردة قاتل نيويورك المشهور «ابن سام» عندما تمكن خبراء الأسلحة لدى مختبر الأكاديمية البوليسية للجرائم في المدينة نفسها، من تفحص مسدس «بولدوغ» من نوع 0.44، عثروا عليه في سيارة مشتبه به اسمه ديفيد بيركفيتس. إذ تبين أن كل الرصاصات التي أمكن العثور عليها في أجسام الضحايا قد أطلقت من هذا المسدس. وعلى هذا الأساس اعترف بيركفيتس بالجرائم، وحوكم، وعوقب بالسجن مدى الحياة .
وقد ذكر بهذا الخصوص التحري جورج سيمنز العامل في المختبر: «إننا لم نعطه أي مجال للدفاع عن نفسه عندما عثرنا على المسدس». وأضاف: «لقد كانت هناك أدلة أخرى، مثل بصمات الأصابع وغيرها، إلا أن فحص المسدس كان الشعرة التي قصمت ظهر البعيره . وكان التحري سيمنز هو الذي طابق ماسورة المسدس بالرصاصات، مما اعطى الحجة الأقوى لمرافعة المدعي العام .
ومن حسن حظ أجهزة الشرطة أن كل مسدس في العالم له خصائصه المميزة وهذا يؤدي إلى أن يترك داخل كل ماسورة مسدس مجموعة خدوش وخطوط مميزة على سطح الرصاصة بالمسدس عند إطلاق الرصاص. وهذه العلامات المميزة تعرف بالمسدس تماما کما تفعل البصمات بالنسبة للسارق . وقد لا تكون هذه الخدوش مرئية للعين المجردة، إلا أنه بإمكان أي خبير أسلحة بواسطة الميكروسكوب أن يراها بالوضوح الذي يرى فيه إشارة السير على الطريق العام.
ويحظى المسدس عادة بتلك العلامات المميزة بداخل ماسورته خلال المراحل الثلاث الأخيرة من عملية تصنيع المسدس، والتي تساهم كل منها بعلاماتها وخدوشها المميزة. وهذه العيوب بالذات هي التي تترك «توقيعها» على سطح الرصاصة. وتمثل المرحلة الأولى عملية ثقب الماسورة؛ ويتم هذا عن طريق أنبوب معدني قاس مصنوع من مادة الكربيد المعدني، ومزود برأس الماسي. ويؤدي هذا إلى ظهور حلقات دائرية لا ترى بالعين المجردة داخل الماسورة لا تلبث أن تختفي خلال المراحل المتبقية .
أما المرحلة الثانية، فتكون بإدخال أداة حفر معدنية حلزونية الشكل داخل الماسورة ، ويكون الغرض منها حفر مسار دائري أو حلزوني مهمته جعل الرصاصة تدور وهي تخرج من الماسورة، تماماً كما تفعل الطابة وهي تطير في الهواء بعد ركلها. ويزيد هذا من دقة الرصاصة في الإصابة. ويختلف المسار الذي ترسمه هذه الأداة التي تشبه المخرز بين ماسورة وأخرى، وبالتالي بين مسدس وآخر .
وتسمى المرحلة الأخيرة بمرحلة الصقل. وهي التي يتم خلالها تنعيم الأطراف الخشنة للماسورة، وإعطائها الشكل الأسطواني الدقيق ما أمكن، لكي تتجه الرصاصات نحو هدفها بدقة مماثلة. وهنا نشير إلى أن عملية الصقل هذه تترك آثارها وخدوشها على الماسورة .
ويقوم خبراء الأسلحة بتفحص المسدس الذي يتم العثور عليه بحوزة المتهم، وبإطلاق بعض الرصاصات منه وعندما تجرى المقارنة بين تلك الرصاصات وبين التي عثر عليها في جسم الضحية، يصبح بالإمكان تقرير ما إذا كان ذلك هو مسدس الجريمة أم لا .
ويختم التحري سيمنز بقوله: «إن المشتبه به سوف ينكر إطلاقه الرصاص من ذلك المسدس. وسوف يتهم شخصاً آخر بفعلته. إلا أن بإمكاننا معرفة حقيقة من أطلق الرصاص، اللهم إلا إذا كانت الرصاصة مشوهة جداً بسبب ارتطامها بجسم الضحية) .