قد تنفع أدوات التسلق في عملية صعود قمم الجبال، كما تفعل التقنيات المختلفة الخاصة بهذه العملية، إلا أن الفضل الأول يعود لحكمة متسلقي الجبال، وتحليلهم الدقيق للمواقف، ولا تعتمد الميكانيكية الفيزيائية لعملية تسلق الجبال على القدمين، الركبتين، اليدين، الذراعين والجسم فحسب وإنما على أمور أخرى، من بينها على سبيل المثال الضغط الذي يمارسه الجسد على الصخرة. فإذا واجه المتسلق على سبيل المثال صخرة شديدة الانحدار، لا توفر لمتسلقها لا موطئ قدم ولا ممسك يد، فما على المتسلق في مثل هذه الحال إلا أن يتعلق بنتوءات الصخرة العمودية، والدفع بنفسه إلى الأعلى بشكل أفقي مشكلا بذلك زاوية 90 درجة بالنسبة إلى الصخرة. وتعرف هذ التقنية باسم (التمدد إلى الوراء). وقد تتطلب بعض الواجهات الأخرى الشديدة الانحدار للجبال تقنية أخرى تعرف ب (السلم الصغير). ويعمد المتسلق الطليعي بحسب هذه التقنية إلى استخدام رفاقه كسلم للصعود إلى الأعلى. أي أن يلجأ مثلا إلى الوقوف على أكتاف أحدهم أو إلى تلقي دفعة ما إلى الأعلى منهم.
ويحاول المتسلق المحترف جهده أن يبقي جسمه عموديا ما أمكن وهو يصعد حافة الجبل، كما يحافظ على مسافة معقولة بينه وبين الصخرة، الامر الذي يوفر له إمكانية الصعود بحرية أكبر. هذا بالمقارنة مع المبتدئين في عملية التسلق، والذين يدفعهم الخوف إلى معانقة الصخرة، مما يؤخر من سرعة تقدمهم.
ومما يثير الدهشة في المتسلقين المحترفين قدرتهم الباهرة على المحافظة على توازنهم وعلى إيقاع تسلقهم. وبفضل قوانين نجهلها في الطبيعة الام نفسها، فإن المتسلقين البارعين يصعدون الصخور الشديدة الانحدار بخفة بالغة، واضعين ثقلهم على نتوءات صخرية ضيقة وعلى حفر صغيرة في الصخر.
أما التقنية الأكثر شعبية لدى متسلقي الجبال فهي تعرف بالتسلق الجماعي، الذي يكون متسلقان أو أكثر بموجبه متصلين بحبل التسلق. ويأخذ أكثر المتسلقين قوة ولياقة المبادرة في صعود الجبل، ثم يبقى في المؤخرة أثناء عملية النزول. وتستخدم في عملية التسلق حبال من مادة النيلون بثخانة نصف انش، والتي أصبحت البديل لحبال القنب وقنب المانيلا المفتقرة لليونة. والجدير بالذكر هنا أن خاصية الليونة هده في حبال التسلق الحديثة هي كانت العامل المنقذ لحياة أحد المتسلقين، واسمه دافيد هارا (24 عاما) والذي كان في العام 1950 أحد أعضاء فرقة هارفرد انديان التي تسلقت جبل يروباجا في غربي البيرو. فبعد أسابيع من صعود ذلك الجبل المغطى بالثلوج والجليد تمكن هارا ورفيقه من بلوغ القمة على علو 21770 قدم. إلا أنه أثناء عملية الهبوط سقط هارا بفعل الثلوج مسافة 120 قدما وهي توازي طول الحبل الذي كان يربطه برفيقه. وكان الوقت القصير الذي استغرقته عملية سقوط هارا كافيا لكي يسرع رفيقه، وبخلال ثوان معدودة إلى الالتصاق بالصخر وضرب فأسه في ضلع صخرة لتثبيت نفسه. وعندما وصل هارا إلى طرف الحبل، تمدد ذلك الأخير تمددا كافيا حال دون تكسر أضلاع هارا بفعل السقطة. وهناك على علو أربعة الاف قدم فوق نهر متجمد، تدلى هارا في الهواء. واستغرقته عملية الصعود مجددا باتجاه رفيقه حوالي 45 دقيقة. ولا أحد يعلم حتى الان من أين أتته القوة لإنجاز ذلك.
وفي الظروف العادية فإن كل مجموعة متسلقين تتحرك صعودا في وقت واحد. فإذا ما كانت طريق الصعود خطرة، عمد أحدهم وهو يعرف بالرجل المرساة إلى تثبيت نفسه بالصخرة، ولف الحبل حول نفسه أو حول نتوء صخرة فيما يتجه الاخرون صعودا. ويعرف هذا في عالم المتسلقين بالصعود الثابت. ولربما يلجأ المتسلق في الطليعة. من أجل المزيد من الأمان، إلى دق بعض الرزات (مسمار، أسفين، وتد) بين شقوق الصخر، إلى لف الحبال داخل بكرات متصلة بالرزات. ويعرف هذا الأسلوب بالأسلوب البروسياني الدي يتبع في عمليات التسلق الشديدة الصعوبة. وهو يتطلب زرع الرزات عند كل خطوة، وزيادة الحبال التي تربط المتسلقين بعضهم ببعض، واتباع نظام البكرات وشد الحبال واستخدام العقد البروسيانية، وهو الامر الذي يساعد المتسلق على شد نفسه باتجاه الأعلى. أما أثناء عملية النزول فيتم استخدام المزيد من الحبال التي تربط إلى صخرة ناتئة، مما يسمح بالهبوط بواسطة حبل مزدوج إذ يلف المتسلق طرفي الحبل حول أحد فخذيه ويمرره على كتفه المقابل، ثم يدلي بالحبل إلى أسفل الجبل. وهكذا يهبط المتسلق الجبل عن طريق الرجوع الى الوراء مدليا نفسه على الحبال ببطء وممسكا بها بيدين قويتين وواثقتين.