عندما أدار غاليله منظاره المكبر لأول مرة باتجاه السماء، كان أول ما سجله هوان مجرة على مجموعات وهذه المجموعات النجمية في الواقع هي تجمعات لأنظمة شمسية، تتألف . الـ«ميلكي واي» (Milky Way)التي ندور فيها، هي امتداد لعدد غير محدود من النجوم موزعة هذه من عدة شموس، تدور حول بعضها كواكب سيارة. أما الذي يجمع النجوم ببعضها، على شکل الغيوم في الفضاء، فهو الغاز النجيمي (الهيدروجين والهيليوم الممزوجان بجزئيات معقدة)، الذي ينتشر بكثافات متعددة على مدى المجرة .
وقد بلغت مجرتنا سماكتها الحالية على مدى ألف سنة ضوئية، وطولها على مدى مئة ألف سنة ضوئية. وهناك حوالي مئة بليون نظام شمسي في هذه المجرة، تشتمل على نحو مئة إلى مئتي بليون شمس. وترسل هذه الشموس الضوء الذي نراه، والطاقة الكهرو مغناطيسية التي بالإمكان كشفها عبر التلسكوبات الإشعاعية.
وتتميز حدود المجرة بغياب الأجسام السماوية (كالأنظمة الشمسية أو التجمعات النجمية) التي تتجاذب مع بعضها البعض، وبضآلة كثافة الغاز النجيمي وتتميز المناطق العازلة بين مجرة وأخرى بالفراغات الهائلة، التي لا يملؤها سوى الغاز المجري، وهو عبارة عن هيدروجين أو هيليوم .
وإحدى الوسائل التي تمكن علماء الفلك من معرفة بداية المجرة ونهايتها، هي مراقبة أشكال المجرات. فهناك مثلا مجرة تعرف باسم «المسير ـ 31»، وهي تبعد 2.2 مليون سنة ذلك يمكن رؤيتها بالعين المجردة. أما المجرات الأخرى فيمكن رؤيتها بواسطة المناظير المكبرة والتلسكوبات الصغيرة. إذ هناك 500 مليون مجرة، تدور على مدى خمسة ملايين سنة ضوئية، ومع ذلك فهي على مرأى منا .
وتختلف أشكال المجرات، فهناك المجرات اللولبية ذات الأذرع الواضحة الملفوفة بشدة حول نواتها، والمجرات اللولبية المخططة، التي تختلف عن الأول بأن أذرعها تخرج من نهايتي لوح مضيء يعبر النواة من منتصفها. أما المجرات البيضاوية فتمتاز بقلة نجومها. وهناك فئة رابعة وهي فئة المجرات اللانظامية، والتي لا نمط معين لها .
ويمكن تصوير مجرة ما من خلال التلسكوب، ويمل هذا الجهاز على تجميع ضوء المجرة بواسطة مراة ثم يعكسها فوق سطح فوتوغرافي تخرج منه الصورة.
وينعكس ضوء تجمعات النجوم فوق السطح، فيما لا تعكس مناطق الفراغ بين المجرات أي ضوء، الأمر الذي يحدد حدود المجرات ويعد أكبر التلسكوبات في العالم اليوم الذي يعرف باسم «هيل»، الموجود على قمة جبل بالومار في كاليفورنيا. وتجمع مرآته، التي يبلغ حجم قطرها نحو خمسة ياردات ونصف، من الضوء ما يعادل مليون مرة أكثر مما تجمعه العين العادية .
لكن الجهاز الأكثر مصداقية وشيوعاً حالياً لمراقبة المجرات هو التلسكوب الموجاتي . وكا هو الحال التلسكوبات البصرية، فإن أكثرية التلسكوبات الموجاتية تضبط عند نقاط مختلفة مع من الكون. وتشبه بعض هذه التلسكوبات الصحون الضخمة، فيما يكون البعض الآخر على شكل مجموعة هوائيات. وبعض هذه التلسكوبات يوضع بداخل بعض التكاوير الطبيعية في الأرض. إما التلسكوبات الصحنية العادية فهي تجمع الموجات الإذاعية وتعكسها باتجاه «هوائي التغذية»، أو الجهاز اللاقط، الذي يكمن في وسط التلسكوب. وتخضع هذه الموجات لفعل التضخيم قبل إرسالها عبر الكابلات إلى الكومبيوتر، الذي يقرأ كثافة الموجات الإذاعية القادمة من نقاط مختلفة من الكون. ويظهر الرسم الذي يخرج عن الكومبيوتر مدى كثافة الطاقة الراديو مغناطيسية وشتاتها عبر المجرة. وكما هو الحال مع الموجات الضوئية، فإن الموجات الاذاعية تكشف حدود المجرة من حيث ضعف هذه الموجات وشبه اختفائها عن الرسم الذي يخرجه الكومبيوتر.
ويقع أكبر تلسكوب موجاتي في العالم على الهضاب الواقعة بالقرب من ارسيبو في بورتوريكيـو ويبلغ حجم قطر صحن هذا التلسكوب نحو ألف قدم . أما التلسكوب الأقوى من هذا النوع، فهو المسمى بـ« السهم الكبير جداً» (VLA)، والمؤلف من 15 هوائياً على شكل صحون، يبلغ قطر الواحد منها 82 قدماً، وهي موزعة على شكل «Y» على هضاب نيومكسيكو بالقرب من مدينة سوكورو. وعندما تعمل هوائيات هذا التلسكوب بطاقتها الكاملة فإنها تعادل قوة صحن بقطر بالغ نحو 17 ميلا.