كيف تجد النحلة طعامها ؟

19 يونيو 20201080 مشاهدةآخر تحديث :

 

 

ليس هناك من عملية أكثر عشوائية _ كما يبدو_ من تلك التي تقوم بها النحلة وهي تطير تحت الشمس الدافئة باحثة عن طعامها. لكن في الحقيقة ليست هناك من عملية مدروسة أكثر. فهي قد تضطر للسفر مسافة تقرب من ستة أميال من قفيرها إلى المكان الذي أعلمت بوجود حقل أزهار فيه. ويساعدها على هذه العملية ما يشبه جهاز الرادار، لكنه مخلوق فيها ويرشدها أقرب فأقرب إلى هدفها.

والسؤال هنا هو: كيف يتم إعلام النحلة بمكان وجود طعامها؟ والجواب هو أن النحل تستخدم وسيلة بدائية _ لكنها رمزية حقا _ للتخاطب بينها وللاستدلال على مخازن الطعام، وهذه الوسيلة هي الأولى من نوعها التي يتم اكتشافها لدى المخلوقات غير البشرية، والذي يحصل أنه حالما تعود النحلة عاملة على القفير اتية من مكان الوليمة، حتى تبدأ بما يشبه حالة الرقص. ومن هذه الخطوات الراقصة الأولية يستنتج بقية النحل لا مكان الحقل الموعود فحسب ولكن الجهة التي يجب أخذها. ويدور هذا الاستعراض الراقص على الناحية العامودية للشهد، حيث تهتدي النحلة الراقصة إلى الاتجاه السفلي عبر شد جاذبية الأرض لها بهذا الاتجاه، يشير تصميم التي تؤديها النحلة العائدة من حقل الازهار بالنسبة لبقية النحل إلى الجهة التي يجب اعتمادها. فإذا كان مكان الوليمة بعيدا بنحو عشرة ياردات من القفير، فإن الرقصة تكون أصغر وأكثر دائرية. وكلما بعد الحقل كلما تحولت دائرة الرقص إلى أشكال أخرى بيضاوية. أما إذا كان الحقل أكثر بعدا من مائة يارد، فإن النحلة الكشافة تؤدي رقصة على شكل ثمانية بالأجنبية.  وهو ما يدل على مكان الحقل بالتناسب مع مركز الشمس.

فتقوم على هدا الأساس بتصميم خطواتها الراقصة. وتحمل كل خطوة من خطوات هذه الرقصة أهمية خاصة، تستدل من خلالها بقية النحل إلى الطريق الصحيح.

أما لإعطاء وجهة الطيران فإن النحلة الكشافة تستخدم الرقصة المثمنة ( على شكل ثمانية ) من أجل الإشارة الى الوجهة. وبمعنى اخر إذا كان وسط الثمانية عموديا فذلك يعني أن حقل الازهار موجود تماما باتجاه الشمس. أما إذا كان هذا الوسط منحن بحوالي 20 درجة بالنسبة إلى الاتجاه العمودي، فإن ذلك يعني أن الحقل موجود 20 درجة إلى اليمين موقع الشمس، وهلمجرا.

والمثير في الموضوع أنه حتى الغيوم لا تستطيع أن تخفي اتجاه الشمس عن النحل. فأعين هذه الكائنات حساسة جدا للضوء ما فوق البنفسجي، الذي يخرق الغيوم حتى عندما تكون رؤية أشعة الشمس متعذرة. أي أن بإمكان النحل تحديد مركز الشمس في الوقت الذي يعجز فيه الانسان عن هذه العملية.

ومهما كانت حالة الطقس فإن الرحلة الأولى إلى مكان الوليمة بعيد تستغرق بضع دقائق من البحث قبل أن يصل النحل إلى المنطقة المرجوة. وهناك تستعمل النحل نظرها وحاسة الشم لديها للاهتداء إلى الزهور المناسبة، متذكرة بذلك رائحة الرحيق الذي عادت منه المحلة الكشافة. أما الرحلات اللاحقة فيهتدي فيها النحل إلى مكان الحقل عن طريق حفظ بعض ملامح المنطقة، فيرسم بالتالي خط طيران خاص به من نقطة الانطلاق، وهي القفير، إلى الهدف المرجو، الذي هو حقل الازهار.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.