من هو الشاب الامازيغي الذي فتح الاندلس ؟

21 سبتمبر 2021726 مشاهدةآخر تحديث :
من هو الشاب الامازيغي الذي فتح الاندلس ؟

أولا- القائدان طارق بن زياد وموسى بن نصير

هو طـارق بن زياد البربري المنتمي إلى قبيلـة تُسـمى “الصدف” وتسكن في جبال بلاد المغرب الغالية، وقد عرف عن هذه القبيلة تمردها وكثرة غزواتها واتخاذها الديانة الوثنية، إلى أن وصـلت الفتوحات الإسـلامية إلى شـمال أفريقيا وبالأخص بلاد المغرب العربي في عهد الخليفـة الأموي الوليد بن عبد الملك، وقد نجحت حملات موسى بن نصـبر المعين من قبل الخليفة في دخول البلاد وإسـلام القبائل الوثنية ومنها قبيلة طارق بن زياد، وقد أعجب موسـى بـه وبشـجاعته فجعله مولى له، وازدادت ثقته بطارق وأصبح يأتمنه، بل واتخذ منه قائدا لبعض جيوشـه لفتح بلاد البربر، أما موسـى بن نصـير بن عبد الرحمن، فقد ولد في زمن خلافة الفاروق عمر بن الخطاب (رضـي الله عنه) سـنة تسعة عشر للهجرة في وادي القرى بالحجاز، وكان أبوه من حرس معاوية (رضي الله عنه)، وقد نشأ موسى في دمشق حتى كبر وشارك في غزوات معاوية كغزو قبرص وفي عهد الأمويين عمل على خراج البصـرة في عهد الحجاج، كما غزا أفريقيا في عهـد الوالي عبد العزيز بن مروان، ولمـا تولى الوليد بن عبد الملك الخلافة ولاه أفريقيا الشـمالية سـنة 88هـ فأقام في مدينة القيروان وهناك اتخذ من طارق بن زياد مولى له، وقد كان موسى بن نصير شجاعا تقئا لم يكره أهـل بلـد فتحـه على دين الإسـلام، ولم ينهـب أملاكهم ومنحهم الاستقلال الداخلي.

ثانيا، إسبانيا قبل دخول المسـلمين.. وقرار الفتح

كانت إسبانيا في ذلك الوقت تحت حكم القوط، وقد كانت تعاني الضـعف والتفكك، والطبقية وكثرة الضـرائب على الأهالي، والأوبئة التي نزلت بإسبانيا منذ عام 88هـ وحتى 90هـ ليموت على إثرها نصـف سـكانها، وكان ملكهم رودريك -أو لذريق كما يسميه العرب» مشـفوئا بمحاولة إخماد ثورة أخيه “أخيلا” في الشمال، وقد قام عدوه يوليان صاحب سبتة ببعض الاتصالات مع موسى بن تصير لحثه على فتح إسـبائيا انتقاما لابنته التي تعرض لها لذريق في القصر الملكي، وبعد عدة مراسلات نجح موسى بن نصير في إقناع الخليفة الوليد بالموافقة على تلك المهمة، أرسل موسى في بادئ الأمر حملة صغيرة من خمسمائة جندي بقيادة “طريف بن مالك” لاستكشاف الأمر في أرض الأندلس وكان ذلك في رمضان 91هـ وكانت نتائجها مثمرة، ليتم بعدها إرسـال طارق بن زياد والي طنجة أنذاك قائدا للاتجاه نحو الأندلس في عام 92هـ، ولتبدأ الأندلس بعدما فتحت على يد المسـلمين تاريخها الإسـلامي، ولتصـبح مركزا للحضـارة الإسـلامية والعلم والثقافة طيلة ثمانية قرون.

بدأ طارق مهمته وقاد جيشـه متجها إلى إسـبانيا ليقابل جيش القوط بالقرب من نهر وادي لكـة “وادي بكـة” في معركـة “أم المعـارك” المعروفـة بخطبـة طـارق بن زياد الشهيرة، ليحقق المسلمون انتصارا ساحقا وفر الجيش القوطي من المعركة، وقد تحدث المؤرخ “ستانلي لين بول” عن هذا النصـر قائلا: إن انتصـار المسلمين في وادي لكة ألقى بإسبانيا كلها في أيديهم.

ثالثا موسى يسـجن طارق بن زياد.. والخليفة يتدخل

اتجه طارق بعدها بجيشه لفتح المدن الإسبانية واحدة تلو الأخرى، ويذكر أن موسى بن نصير كان قد أصدر أمرا لطارق بن زياد بالتوقف عن الزحف حتى يأتي هو ومدده إليه، ويرجح أن السـبب هو غيرة موسـى ومحاولته نيل شـرف فتح الأندلس، لكن طارق وقادته قرروا استكمال القتال بسبب مخاطر التوقف، وأخضعوا قرطبة ومالقة وغرناطة وأربولة وطليطلة عاصمة القوط وحليقلة. لما وصـل موسـى بن نصـير اسـتطاع فتح مدن قرمونة وإشـبيلية وماردة، ثم برشـلونة وأربونا وقادس وجليقية حتى التقى موسـى طـارقـا في طلبيرة ووبخـه وضـربـه بالسـوط بسـبب مخالفته لأوامره ثم سـجنه، وقد وصـل الأمر إلى الخليفة الوليد الذي سرعان ما أمر موسى بإطلاق سراح طارق وإعادته إلى عمله، أكمل موسي وطارق الفتوحات بعدما تصالحا، وفتحا مفا إقليم أرغونة وقشتالة وقطلونية وسرقسطة، ثم وصـلا إلى جبال البرانس، ويشـير الكاتب إلى أسـطورة إحراق طارق بن زياد لأسطول المسلمين بهدف القضـاء على تردد الجنود، أو لمنع الجنود العرب من العودة بعـدمـا اختلفوا معه، لكن أغلب المؤرخين يميلون إلى إنكارها لأن طارقا لا يمكنه قطع وسـيلة النجاة الوحيدة أو التصـرف بأموال الدولة على هواه.

بعد الفتح، أرسـل الخليفة الوليد لاستدعاء القائدين، وبينما كانا في طريقهما أبلغهما سليمان “ولي العهد” أن يتأخرا حتى يموت الخليفـة ليظفر هو بـالغنائم والفتح لكنهما رفضـا وتابعا مسـيرهما حتى وصـلا إلى دمشـق، وبالفعل غضـب سـليمان حتى إنه لما تولى الخلافة بعد وفاة الوليد قام بعزل موسى وأولاده وقتل ابنه عبد العزيز، أما طارق بن زياد فقد تم نسيانه حتى إنه مات وحيدا فقيرا في عام 720م.

وختاما جاء الإسـلام واسـتطاع جمع الأمة العربية وتوحيدها نحو هدف إعلاء كلمة الله، ففتح المسـلمون البلاد وأنشـأوا إمبراطورية امتدت من الصـين شـرقا وحتى إسبانيا غربا حتى كانوا على أبواب فتح باقي أوروبا، ولكن أصـابهم ما أصـاب بقية الأمم قبلهم من الفتنة والانشـفال بالدنيا والمصالح الشخصية حتى اندثرت حضارتهم ولم يبق منها سـوى المجلدات التي تخبرنا بعزتنا يوما من الأيام، وها هو حال الأندلس التي لما انتهت كانت وكأنها لم تكن يوما، وكأن المسلمين لم يكونوا بها يوما.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.